عاجل: رئيس ارامكو يتوقع أزمة عالمية ويكشف عن توقعاته لسعر برميل النفط خلال العام الجديد

رئيس ارامكو يتوقع أزمة عالمية ويكشف عن توقعاته لسعر برميل النفط خلال العام الجديد
  • آخر تحديث

في ظل التحولات الكبرى التي يشهدها سوق الطاقة العالمي، خرج رئيس أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين، المهندس أمين بن حسن الناصر، بتصريحات لافتة حذر فيها من أزمة تلوح في الأفق قد تهدد استقرار إمدادات النفط خلال السنوات القادمة.

رئيس ارامكو يتوقع أزمة عالمية ويكشف عن توقعاته لسعر برميل النفط خلال العام الجديد 

وأرجع الناصر هذا الخطر المحتمل إلى التراجع الحاد في الاستثمارات المخصصة لعمليات الاستكشاف والإنتاج، وهو ما قد يؤدي إلى فجوة كبيرة بين العرض والطلب في سوق الطاقة العالمي إذا استمر هذا الاتجاه دون تصحيح.

وقال الناصر في حديثه لصحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية إن العالم يواجه مرحلة حرجة في إدارة موارده النفطية، مشير إلى أن ما شهدناه خلال العقد الأخير هو "عقد من الركود الاستثماري" في قطاع الاستكشاف، حيث لم يتم إطلاق مشاريع جديدة كافية لتعويض الحقول المتقادمة أو تلبية الزيادة المتوقعة في الطلب العالمي على الطاقة، خاصة في الاقتصادات النامية والناشئة.

تراجع الاستثمارات النفطية وتأثيره على الإمدادات

أوضح الناصر أن الإنفاق العالمي الحالي على عمليات التنقيب والإنتاج في قطاع النفط وصل إلى مستويات متدنية لا تتناسب مع حجم التحديات المقبلة.

وأضاف أن استمرار هذا النهج سيؤدي حتمًا إلى اختلال التوازن بين العرض والطلب، مما قد يخلق أزمة حقيقية في الإمدادات خلال السنوات القادمة.

وأكد أن شركات النفط الكبرى خفضت إنفاقها منذ عام 2014 نتيجة لانخفاض أسعار النفط حينها، إلى جانب التحولات الاستراتيجية نحو الطاقة النظيفة وضغوط المستثمرين لتحقيق أرباح سريعة، الأمر الذي جعل بعض الشركات تهمل مشاريع طويلة الأمد لصالح العائدات الفورية مثل إعادة شراء الأسهم وتوزيع الأرباح.

وأشار الناصر إلى أن هذه السياسة قصيرة النظر قد تنعكس سلبا على استقرار سوق الطاقة، موضح أن تطوير أي مشروع نفطي جديد يحتاج عادة فترة تتراوح بين خمس إلى سبع سنوات حتى يبدأ بالإنتاج الفعلي، مما يعني أن القرارات المتخذة اليوم ستحدد شكل السوق بعد عقد من الزمن.

النفط الصخري بين الازدهار والانحسار

وفي حديثه عن مستقبل النفط الصخري، الذي مثل خلال العقد الماضي المحرك الرئيسي لنمو الإنتاج العالمي، أوضح الناصر أن الطفرة التي شهدتها الولايات المتحدة بفضل هذا النوع من النفط غير التقليدي لن تتكرر بسهولة.

فبحسب تقديراته، فإن نحو 80 إلى 90 في المئة من نمو الإنتاج العالمي في السنوات الماضية جاء من النفط الصخري، إلا أن هذا الزخم مرشح للتباطؤ أو التراجع خلال الخمسة عشر عام المقبلة، نتيجة تراجع الجدوى الاقتصادية لبعض الحقول وارتفاع تكاليف الإنتاج.

وأضاف أن الاعتماد المفرط على النفط الصخري لتغطية الطلب العالمي ليس حل مستدام، وأنه لا بد من تنشيط عمليات التنقيب التقليدية وإطلاق مشاريع جديدة في مناطق مختلفة من العالم، بما في ذلك المناطق غير المستكشفة التي تمتلك احتياطيات ضخمة غير مستغلة بعد.

تراجع عالمي في الاستثمارات وفق وكالة الطاقة الدولية

استناد إلى بيانات الوكالة الدولية للطاقة، أشار الناصر إلى أن حجم الاستثمارات في قطاع الاستكشاف والإنتاج من المتوقع أن ينخفض هذا العام بنسبة تقارب 6% ليصل إلى نحو 420 مليار دولار، وهو أول انخفاض منذ عام 2020 حين تسببت جائحة كورونا في ركود عالمي.

هذا التراجع، بحسب الخبراء، يأتي في وقت يحتاج فيه العالم إلى ضخ استثمارات أكبر لمواكبة الطلب المتزايد وتجنب أزمة في الإمدادات.

وشدد الناصر على أن معالجة هذا الخلل تتطلب تحرك عالمي عاجل لإعادة التوازن إلى القطاع، داعي الحكومات والشركات الكبرى إلى الاستثمار في البنية التحتية النفطية وتطوير تقنيات جديدة للاستكشاف والإنتاج تواكب متطلبات المرحلة.

استراتيجية أرامكو

ولفت الناصر إلى أن أرامكو السعودية تعمل وفق رؤية طويلة الأمد تهدف إلى الحفاظ على استقرار سوق الطاقة العالمي، حيث تخصص الشركة ما بين مليار وملياري دولار سنويا لأعمال الاستكشاف، في إطار خطة استراتيجية لضمان استدامة الإمدادات وإضافة احتياطيات جديدة من النفط والغاز.

وأوضح أن هذه الاستثمارات ليست مجرد خطوة اقتصادية، بل هي التزام استراتيجي يهدف إلى تأمين الطاقة للعالم في المستقبل، خاصة في ظل النمو السكاني والاقتصادي المتسارع الذي يرفع الطلب على مصادر الطاقة التقليدية رغم التوجهات المتزايدة نحو الطاقة المتجددة.

وختم الناصر حديثه بالتأكيد على أن المرحلة القادمة تتطلب توازن عقلاني بين تطوير الطاقة النظيفة وضمان استقرار أسواق النفط، لأن العالم لا يزال يعتمد على الوقود الأحفوري كمصدر رئيسي للطاقة، وأن أي تقصير في الاستثمار اليوم قد يقود إلى أزمات اقتصادية وجيوسياسية يصعب احتواؤها في المستقبل.