كم يكلف استخراج برميل النفط الواحد في السعودية في 2025؟

كم يكلف استخراج برميل النفط الواحد في السعودية في 2025
  • آخر تحديث

في مشهد يؤكد متانة الاقتصاد السعودي وقدرته على قيادة أسواق الطاقة العالمية، كشفت شركة أرامكو عن تفوقها غير المسبوق في مجال إنتاج النفط من حيث الكفاءة والتكلفة.

كم يكلف استخراج برميل النفط الواحد في السعودية في 2025

ففي الوقت الذي تواجه فيه الدول المنتجة للنفط تحديات مالية وتقنية ضخمة، استطاعت السعودية أن ترسخ مكانتها بوصفها المنتج الأكثر كفاءة وموثوقية، بفضل استراتيجيات إنتاج مدروسة وتقنيات متطورة تبقي تكلفة استخراج البرميل عند حدود دنيا لا تقارن عالميا.

هذا التميز لا يمثل مجرد إنجاز رقمي، بل هو نتاج عقود من الاستثمار في المعرفة، والبنية التحتية، والإدارة التقنية الذكية التي جعلت من أرامكو نموذج يحتذى به في صناعة الطاقة الحديثة.

تكلفة إنتاج تعيد رسم خريطة المنافسة العالمية

خلال مشاركته في منتدى "إنرجي إنتلجنس" في العاصمة البريطانية لندن، كشف المهندس أمين الناصر الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية أن تكلفة إنتاج برميل النفط في المملكة تبلغ نحو دولارين فقط، بينما تصل تكلفة إنتاج برميل الغاز المكافئ إلى دولار واحد تقريبا.

هذا الرقم المذهل يجعل السعودية تتصدر العالم من حيث كفاءة الإنتاج، ويمنحها قدرة تنافسية لا تضاهى في أسواق الطاقة، حيث تستطيع المحافظة على طاقتها الإنتاجية البالغة 12 مليون برميل يوميا لمدة عام كامل من دون تكاليف إضافية.

وقد جاء ذلك بعد توجيه رسمي من وزارة الطاقة في مطلع عام 2024 يقضي بالحفاظ على الطاقة الإنتاجية القصوى المستدامة عند هذا المستوى دون الحاجة إلى رفعها إلى 13 مليون برميل يومياً كما كان مخطط مسبقا.

كفاءة تشغيلية تعكس قوة التخطيط الاستراتيجي

تكلفة إنتاج البرميل المنخفضة ليست مصادفة، بل نتيجة تخطيط استراتيجي طويل المدى بدأ منذ تأسيس أرامكو، واستمر عبر تحديث مستمر في التكنولوجيا ورفع كفاءة التشغيل.

وفي مقارنة عالمية، تعد أرامكو الأقل تكلفة بين كبرى شركات النفط العالمية مثل "إكسون موبيل" و"بي بي" و"شل" و"توتال"، مما يعزز مكانتها كأكبر مصدر موثوق للطاقة في العالم.

وتحتفظ المملكة بجزء كبير من الطاقة الفائضة العالمية، ما يعني أنها تملك القدرة على تلبية أي زيادة مفاجئة في الطلب العالمي بسرعة وكفاءة، وهو ما يجعلها لاعب محوري في استقرار السوق الدولية للطاقة.

أرقام قياسية في الإنتاج والاستثمار

تشير البيانات الحديثة إلى أن إنتاج أرامكو خلال الربع الثاني من العام الجاري بلغ نحو 10.45 ملايين برميل يوميا، بزيادة طفيفة عن الربع الأول، أي بنسبة تفوق 3% مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2024.

كما واصلت الشركة ضخ استثمارات ضخمة في قطاع الطاقة بلغت 46.16 مليار ريال (حوالي 12.5 مليار دولار)، منها أكثر من 34 مليار ريال مخصصة لقطاع التنقيب والإنتاج.

وتهدف هذه الاستثمارات إلى تطوير مشروعات جديدة للحفاظ على الطاقة القصوى المستدامة، إلى جانب التوسع في أعمال الغاز التي تشكل ركيزة مهمة في التحول نحو طاقة أكثر استدامة.

نظرة تفاؤلية تجاه الطلب العالمي على النفط

أمين الناصر عبّر عن تفاؤله بمستقبل الطلب على النفط، مؤكد أن السوق ما تزال قوية وأن أساسيات الطلب متينة.

وأوضح أن النمو المتوقع في الطلب العالمي سيصل إلى ما بين 1.1 و1.3 مليون برميل يوميا خلال هذا العام، ومن المتوقع أن يتراوح بين 1.2 و1.4 مليون برميل يومياً بحلول عام 2026.

كما شدد على أهمية الاستثمارات الطويلة الأجل في قطاع الإمدادات النفطية لضمان توازن السوق، في ظل استمرار حاجة العالم للطاقة التقليدية خلال العقود المقبلة رغم التحول نحو مصادر الطاقة المتجددة.

البتروكيماويات.. مستقبل التنويع الاقتصادي

لم تقتصر طموحات أرامكو على النفط الخام، بل امتدت لتشمل قطاع الكيماويات والبتروكيماويات كجزء من استراتيجيتها للتنويع الاقتصادي.

فالشركة تخطط لتحويل نحو 4 ملايين برميل يوميا إلى منتجات كيماوية بحلول عام 2030، ما يضمن خلق قيمة مضافة ضخمة ويقلل من تأثر الإيرادات بتقلبات أسعار النفط.

وفي هذا الإطار، قامت أرامكو بخطوات توسعية بارزة، منها الاستحواذ على حصة الأغلبية في شركة بترورابغ بعد شراء 22.5% من أسهم شركة سوميتومو للكيماويات، إلى جانب شراء حصة 10% في شركة رونغشنغ الصينية للبتروكيماويات مقابل 3.4 مليارات دولار، ما منحها وصول مباشر إلى مصفاة ضخمة بطاقة 400 ألف برميل يوميا.

تحالفات استراتيجية ومشروعات كبرى

تعمل أرامكو أيضا على بناء مجمع بتروكيماوي عملاق بالشراكة مع شركة "توتال إنرجي" الفرنسية بقيمة 11 مليار دولار ضمن مشروع ساتورب في المملكة، والذي من المتوقع أن يبدأ إنتاج 1.65 مليون طن متري سنوي من الإيثيلين بحلول عام 2027.

وتعكس هذه المشاريع الطموحة رؤية المملكة في أن تكون مركز صناعي عالمي متكامل في مجال الطاقة والبتروكيماويات، مع الاستفادة من الميزة التنافسية لتكاليف المواد الخام والطاقة في السوق المحلية.

السعودية نموذج للتوازن بين الكفاءة والاستدامة

من خلال الجمع بين الكفاءة التشغيلية العالية، والتكاليف المنخفضة، والاستثمار الذكي في المستقبل، تثبت السعودية قدرتها على قيادة قطاع الطاقة العالمي بثقة.

فأرامكو لا تكتفي بكونها أكبر شركة نفط في العالم من حيث الإنتاج، بل تمثل نموذج للتوازن بين الربحية والمسؤولية البيئية والاستدامة الاقتصادية، ما يجعلها عنصر رئيسي في أمن الطاقة العالمي ومصدر فخر وطني يعكس رؤية المملكة نحو المستقبل.