عاجل: رحلات الخطوط الجوية السعودية مهددة بسبب البراكين ومصدر يحسم الجدل حول وقف وإلغاء الرحلات المجدولة

في مشهد درامي هائل غطى سماء شرق إندونيسيا، استيقظ السكان صباح الأربعاء على دوي انفجارات متتابعة صادرة من فوهة بركان ليووتوبي لاكي لاكي، أحد أكثر البراكين نشاط في الأرخبيل الإندونيسي.

رحلات الخطوط الجوية السعودية مهددة بسبب البراكين

خلال ساعات قليلة، تحول الفجر إلى مشهد من الدخان الكثيف والرماد الأسود الذي ارتفع لأكثر من ستة أميال في السماء، ما تسبب بحالة من الهلع بين الأهالي والمسافرين، وأجبر السلطات على اتخاذ إجراءات طارئة لحماية الأرواح والممتلكات.

وبينما كان الرماد يتساقط بكثافة على القرى المحيطة، بدأت الحياة اليومية تتجمد تدريجي في المناطق القريبة، إذ توقفت حركة النقل وتعطلت الأسواق وأُغلقت المدارس، في مشهد يعكس مدى تأثير الظواهر الجيولوجية المفاجئة على المجتمعات المحلية.

رفع مستوى التحذير إلى الدرجة القصوى

أعلنت وكالة الجيولوجيا الإندونيسية أن الانفجارات المتتابعة التي بدأت منذ فجر الأربعاء استمرت لساعات طويلة، ما استدعى رفع مستوى التحذير من النشاط البركاني إلى الدرجة القصوى.

ووفقا للوكالة، تم إصدار أوامر إخلاء فورية لجميع القاطنين ضمن نطاق أربعة أميال من فوهة البركان، في إجراء وقائي يهدف إلى الحد من المخاطر المحتملة التي قد تنجم عن تدفق الحمم أو الانهيارات البركانية المفاجئة.

وأكدت المتحدثة باسم وكالة التخفيف من الكوارث، أفيلينا مانغوتا هالان، أن سحب الرماد الكثيف غطت القرى والمزارع، تاركة طبقة رمادية على الأسطح والأشجار، الأمر الذي أدى إلى إتلاف بعض المحاصيل الزراعية وتلوث مصادر المياه.

كما شددت على ضرورة التزام السكان بتعليمات الإخلاء وتجنّب العودة إلى المناطق المحظورة حتى إشعار آخر.

تعليق الرحلات الجوية وتعطّل الحياة في المنطقة

نتيجة كثافة الرماد البركاني، أعلنت سلطات الطيران الإندونيسية تعليق جميع الرحلات الجوية من وإلى مطار فرانسيسكوس زافيريوس سيدا في مدينة ماوميري القريبة من البركان، حتى السادس عشر من أكتوبر على الأقل.

وقد تسبب ذلك في تعطيل عدد من الرحلات الداخلية، وتأثر حركة المسافرين بين الجزر، لا سيما في المناطق الشرقية من البلاد.

ورغم حالة الشلل المؤقت التي أصابت قطاع الطيران المحلي، أكدت السلطات أن الوضع تحت السيطرة ولم تسجل أي إصابات أو خسائر بشرية حتى الآن.

كما أرسلت فرق إنقاذ ومساعدات طبية وغذائية إلى القرى المتضررة لتقديم الدعم العاجل للأسر التي تم إخلاؤها.

عدم تأثر الرحلات الدولية من السعودية إلى إندونيسيا

من جانب آخر، أوضحت مصادر ملاحية ومواقع تتبّع الطيران الدولية أن الرحلات القادمة من المملكة العربية السعودية إلى المدن الإندونيسية الكبرى مثل جاكرتا وبالي لم تتأثر بالحدث البركاني، حيث لم تصل سحب الرماد إلى تلك المناطق البعيدة أكثر من 620 ميل عن موقع الانفجار.

وتسير شركات الطيران السعودية، ومن ضمنها الخطوط السعودية وطيران ناس، أكثر من تسع رحلات يوميا بين مدن المملكة الرئيسة (الرياض، جدة، الدمام، المدينة المنورة) وعدد من الوجهات الإندونيسية الحيوية مثل جاكرتا وسورابايا وبالي، ما يجعل السوق الإندونيسي من الوجهات الآسيوية الأكثر جذب للمسافرين السعوديين على مدار العام، خصوصًا خلال المواسم السياحية والعطل الرسمية.

خطر دائم في "حلقة النار"

بركان ليووتوبي لاكي لاكي يعتبر من أبرز البراكين النشطة ضمن ما يعرف بـ"حلقة النار الهادئة"، وهي المنطقة الجيولوجية الشهيرة التي تمتد حول المحيط الهادئ وتضم أكثر من 450 بركان نشط، وتشهد نحو 75% من الزلازل والانفجارات البركانية على مستوى العالم.

ويذكر أن آخر ثوران كبير لهذا البركان كان في يوليو الماضي، عندما امتدت سحب الرماد لمسافات شاسعة وأدت إلى إلغاء 24 رحلة إلى جزيرة بالي.

ويرى الخبراء أن النشاط الحالي يأتي ضمن سلسلة من الانفجارات المتكررة التي تشهدها المنطقة، محذرين من احتمال زيادة المخاطر في حال تزامن الثوران مع هطول أمطار غزيرة، إذ قد يؤدي ذلك إلى تدفقات طينية بركانية مدمرة تعرف محليا باسم "لاهار"، وهي من أخطر الظواهر التي تعقب الثوران البركاني.

استعدادات مكثفة ومراقبة مستمرة

تواصل فرق الرصد الجيولوجي مراقبة نشاط البركان على مدار الساعة باستخدام أجهزة متطورة لرصد الاهتزازات الزلزالية والانبعاثات الغازية.

كما تتابع السلطات الميدانية الأوضاع الإنسانية للسكان الذين تم إجلاؤهم، لضمان سلامتهم وتوفير احتياجاتهم الأساسية في مراكز الإيواء المؤقتة.

وبينما يعيش السكان المحليون حالة من القلق المستمر، تبقى الجهود الحكومية والإغاثية مركزة على تقليل الخسائر المحتملة والحفاظ على الاستقرار في واحدة من أكثر المناطق البركانية نشاط على وجه الأرض، في مشهد يعكس كيف يمكن للطبيعة أن تعيد صياغة الحياة في لحظة واحدة.