السعودية تعلن انطلاق الطريق الجديد بين الرياض وجدة الذي سيختصر السفر بالسيارة الى 4 ساعات فقط

السعودية تعلن انطلاق الطريق الجديد بين الرياض وجدة
  • آخر تحديث

تتهيأ المملكة العربية السعودية لتنفيذ مشروع وصف بأنه أحد أعظم المشاريع في تاريخها الحديث، وهو الجسر البري الحديدي الذي سيصل العاصمة الإدارية الرياض بالعاصمة الاقتصادية جدة عبر شبكة حديدية عابرة للصحراء، تختصر المسافة بين المدينتين إلى رحلة لا تتجاوز أربع ساعات فقط.

السعودية تعلن انطلاق الطريق الجديد بين الرياض وجدة

هذا المشروع العملاق لا يعد مجرد وسيلة نقل سريعة فحسب، بل يمثل تحول استراتيجي شامل في مفهوم البنية التحتية الوطنية، إذ سيعيد تشكيل المشهد الاقتصادي واللوجستي للمملكة، ويربط بين الشرق والغرب ضمن منظومة متكاملة من الموانئ والمراكز الصناعية.

تأتي هذه الخطوة في إطار التوجه الطموح الذي تقوده رؤية السعودية 2030، والتي تسعى إلى بناء اقتصاد متنوع ومستدام قائم على بنية تحتية ذكية ومترابطة، تعزز من مكانة المملكة كمحور عالمي للنقل والتجارة بين قارات آسيا وإفريقيا وأوروبا.

شراكة سعودية صينية لإنشاء الجسر البري الحديدي

بحسب ما أوردته صحيفة عكاظ، فإن المشروع الضخم الذي تقدر تكلفته بنحو سبعة مليارات دولار (ما يعادل 26.2 مليار ريال سعودي) سيتم تنفيذه بشراكة استراتيجية بين شركة الخطوط الحديدية السعودية (سار) وشركة البناء الهندسي المدني الصينية، لتكون النتيجة نقلة نوعية غير مسبوقة في تاريخ النقل السعودي.

هذه الشراكة تمثل نموذج للتعاون الدولي في مجالات التكنولوجيا والهندسة المتقدمة، وتعكس التزام المملكة بتوظيف الخبرات العالمية لإنجاز مشاريعها الوطنية الكبرى.

ربط الشرق بالغرب في رحلة واحدة لا تتجاوز أربع ساعات

سيختصر المشروع زمن الرحلة بين الرياض وجدة من نحو 12 ساعة بالسيارة إلى أقل من 4 ساعات فقط عبر خط حديدي بطول يقارب 900 كيلومتر يمتد من العاصمة إلى ساحل البحر الأحمر.

ولا يقتصر دوره على الربط بين المدينتين فحسب، بل يمتد ليصل لاحقا من جدة إلى الدمام، ليجعل من المملكة جسر بري استراتيجي يربط الخليج العربي بالبحر الأحمر، وهو ما يعزز موقعها كمركز إقليمي ودولي لحركة النقل والتجارة العابر للقارات.

تفاصيل هندسية دقيقة وخطط توسع متعددة

يتكون مشروع الجسر البري من ستة خطوط رئيسية تشمل تطوير خطوط قائمة وإنشاء أخرى جديدة لتوسيع شبكة السكك الحديدية في مختلف مناطق المملكة:

  • الخط الأول: تطوير شبكة الجبيل الصناعية بإضافة ما يقارب 10 كيلومترات جديدة.
  • الخط الثاني: تحديث خط الجبيل–الدمام بإضافة 35 كيلومتا لزيادة الطاقة الاستيعابية.
  • الخط الثالث: تحسين خط الدمام–الرياض عبر إنشاء 87 كيلومتر إضافي لرفع الكفاءة التشغيلية.
  • الخط الرابع: يعرف باسم طريق الرياض، بطول إجمالي يصل إلى 102 كيلومتر مقسمة إلى مرحلتين (67 و35 كم).
  • الخط الخامس: يعد العمود الفقري للمشروع، إذ يمتد من الرياض إلى جدة مرور بمحطات الدوادمي، مويا، الجمومة، بطول 920 كيلومتر، إضافة إلى وصلة جدة–ميناء الملك عبدالله بطول 146 كيلومتر.
  • الخط السادس: خط جديد بالكامل بطول 172 كيلومتر يربط ميناء الملك عبدالله بمدينة ينبع الصناعية.

مراكز لوجستية كبرى تعزز حركة التجارة الداخلية والدولية

يشمل المشروع إنشاء سبعة مراكز لوجستية ضخمة موزعة على المناطق الرئيسة في المملكة، لتكون نقاط ربط وتخزين وتوزيع للبضائع.

ومن أبرزها مركز الجبيل الصناعي، ميناء الدمام الجاف، ميناء جدة الجاف، مركز لوجستي في مطار الملك خالد الدولي بالرياض، وآخر في ميناء الملك عبدالله.

هذه المراكز ستسهم في تحويل المملكة إلى منصة لوجستية كبرى، قادرة على استيعاب حركة البضائع العابرة وربطها بالموانئ الإقليمية والدولية.

تحول استراتيجي في منظومة النقل الوطنية

المشروع لا يهدف فقط إلى تسهيل حركة الركاب بين المدن، بل يسعى أيضا إلى تحويل منظومة النقل السعودية إلى واحدة من الأكثر تطور في الشرق الأوسط، بما يواكب الطفرة الاقتصادية والمشاريع الكبرى التي تشهدها البلاد مثل نيوم، ذا لاين، والقدية.

فالجسر البري الحديدي يمثل أحد أهم المشاريع الاستراتيجية التي تفتح آفاق جديدة أمام الاستثمارات وتدعم النمو الصناعي والسياحي في الوقت ذاته.

مناقصات وتصاميم هندسية تمهد لانطلاقة المشروع العملاق

وفقا لتقرير صادر عن مجلة ميد، فقد بدأت الجهات المختصة بالفعل في طرح مناقصات خدمات الاستشارات والتصميم الخاصة بالمشروع، الذي سيغطي أكثر من 1500 كيلومتر من المسارات الجديدة.

ومن المتوقع أن يكون هذا المشروع عند اكتماله رمز للقرن الجديد في المملكة، إذ سيجسد قدراتها التقنية والهندسية، ويعزز مكانتها كقلب نابض لحركة النقل العابر بين الشرق والغرب.

مشروع يتجاوز حدود النقل ليشكل رؤية وطنية للمستقبل

إن الجسر البري الحديدي ليس مجرد مشروع بنية تحتية تقليدي، بل هو رؤية وطنية شاملة تمزج بين التقنية الحديثة والاستدامة الاقتصادية، ليكون نموذج يحتذى به في المنطقة.

فمع اكتماله، ستدخل المملكة مرحلة جديدة من الارتباط الجغرافي والاقتصادي، تجعلها محور رئيسي لحركة التجارة العالمية، وتعزز موقعها كأحد أهم المراكز اللوجستية في العالم الحديث.